مرمر زماني

My article was published as a free opinion at:
www.tayyar.org on the 19th April 2008 

19 نيسان 2008  -   جوزف الخوري

جاءنا في العام 2005 مهرولاً خائفاً لاجئاً حينما رفضه الجميع شريكاً وهو على حافة الإفلاس السياسي.
كان كالأبرص المنبوذ الذي لا يقترب منه صحيح.
اعتذر وصدّقنا الاعتذار.
عضضنا على الجرح وقبلنا عودته إلى حضن السيادة كما الابن الضال.
في المصطلح العامي، غسلناه وشقشقناه وتشتشناه وهفهفناه وعطرناه ليصبح نظيفاً، مهفهفاً لا رائحة عليه من بقايا الحقبة السورية الكنعانية الحريرية الفاسدة المقيتة والتي، كان فيها الوزير القبضاي.
في قبوله بيننا، ووجهنا ببعض المؤيدين لنهجنا ومنهم من عاتبنا، امتعض مناّ وحتى خاصمنا ، لأننا سمحنا له بمرمرة حلاوتنا.
وبعد،
ها إن ساعة الحقيقة قد دقّت.
وعدوه بالعودة إلى الوزارة الأحبّ على قلبه شرط الانقلاب على من قام بغسله وغسل ماضيه، ففعل.
ها هو اليوم وربما لخجل من نفسه يحيّد الجنرال عون من سهامه اللاذعة، فقط لأن عليه د ين سابق حين أنقذ الجنرال ابنه الوحيد من براثن القاتل الشهير، حليف الغد ربما!
ولكن،
ما النفع إذا حيّد الجنرال وانسال على بقية القيادات العونيّة بالاحتقار والرجم اللاذع؟
ما النفع إذا حيّد الجنرال وجعل من نفسه مطيّة يركبها خصوم السيادة والحريّة والتحرّر؟
ما النفع إذا حيّد الجنرال وزاد في الشرخ المسيحي شرخاً؟...
ربّما خروجه لم يكن مفاجئاً بحدّ ذاته، لأن مزيل الرائحة ومهما كان ثميناً، لا بدّ أن ينتهي مفعوله وتعود الرائحة الكريهة للظهور مجدّداً.
وإنما المفاجأة كانت في التوقيت المريب، حيث أننا بحاجة إلى أكبر عملية تضامن (مسيحي تحديداً)، لمواجهة كنيسة لا تحرّك ساكناً تجاه بيع أراضي مسيحيّة لغير المسيحيين،
ولمواجهة بقايا سياسيين مسيحيين بالهوية فقط، ويغطّون الوهابيّة السياسية المتمثلة بالمستقبل وحكومة السنيورة،
ولمواجهة قوة عظمى أميريكيّة لا ترى في مسيحيّي الشرق سوى رعايا جاهزين للهجرة وتعمل على ذلك بكل طاقتها المالية والعسكرية والسياسية،
ولمواجهة سياسة إفقار عام يطال المواطنين بكل فئاتهم لحين موعد الانتخابات، فيصبحون منهكون، مستهلكون، جائعون، فيسهل شراء ضمائرهم.
للتذكير فقط، إن قرار إفقار اللبنانيين قد صدر من السعودية و بدأت دلالاته تظهر عندما سحبت المملكة بعض من إيداعاتها المصرفيّة إن لم يكن كلّها وأيضاً، حينما عمّمت على رعاياها بعدم السفر إلى لبنان!...
نعم، أنه لزمن مرّ أن تهادن من أكل وشرب من معجن الاحتلال وتعتقد بأنه قد تاب،
نعم، أنه لزمن مرّ أن تهادن من نكّل بأولادنا وأخواتنا واستغل السلطة في زمن الاحتلال وتعتقد بأنه قد تاب ،
نعم، أنه لزمن مرّ أن تهادن من شوّه الانتخابات على مدى 17 عام من الاحتلال وتعتقد بأ نه قد تاب،
نعم، أنه لزمن مرّ أن تهادن من صنع ثروة ماليّة بصرفه للنفوذ بتغطية ودعم من المحتل وتعتقد بأنه قد تاب.
نعم، أنه لزمن مرّ أن نسامح المرّ ونجلسه على يمين طاولة الشرفاء ونعامله كما أهل البيت.
نعم، لقد أخطأنا حينما حاولنا غسله وغسل ماضيه من رائحة الفساد العفنة.
نعم، لقد أخطأنا باعتبار آية الابن الضال عوضاً عن آية تجار الهيكل، مثالاً احتذينا حذوه.
أما بالواقعية، أرى بأن انسحاب المرّ هو أكبر دليل بأن خط التحرّر ا لذي نلتزمه في التيار الوطني الحرّ، لا يتسع لمن كان مربض خيله في سفارة ما.
لقد تبيّن للمشككين بأن هذا التيار هو فعلاً سيّد نفسه وبالتالي من لم يكن مثلنا لا يأتي لعندنا كما يقول المثل الشعبي . أماّ إذا أتى أحدهم، فلن يدوم بيننا لأنه ليس مثلنا ولم و لن يكون يوماً كذلك.
في النهاية، يبقى الأمل دوماً بأن لا يصحّ إلا الصحيح.
فهذا الصحيح معلوم المكان (الرابية ) والزمان (منذ 1988 إلى اليوم ) والمصدر (حرية، سيادة، استقلال)، أطال الله بعمره.

Comments

Popular posts from this blog

كل الحق عالـ 7-1 ، وصلت إلينا ونقشت!

فخامة الرئيس غبطة البطريرك

عن المنع والمقاطعة