ذيل الكلب والمحكمة الدولية

My article was published as a free opinion at: 
http://www.elnashra.com on the 15/11/2010


15/11/2010 -  جوزف الخوري 

في العام 1997 أطلق المخرج السينمائي باري ليفينسون فيلماً بعنوان “Wag the Dog” من بطولة نجمين عالميين هما داستن هوفمان وروبيرت دي نيرو.
يبدأ الفيلم بشرح يقول فيه المخرج:
 " لماذا يهزّ الكلب ذيله؟ لأن الكلب أذكى من الذيل.
ولو كان الذيل أكثر ذكاء، لكان هو الذي يهزّ الكلب."
تدور أحداث الفيلم عن رئيس جمهورية في الولايات المتحدة الأميركية يتعرّض لفضيحة جنسية قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية.
للخروج من هذا المأزق، يستعين أحد خبراء العلاقات العامة في واشنطن بمنتج سينمائي من هوليوود، ليخترع مادة إعلامية تحوّل الأنظار عن الفضيحة الجنسية. فتكون النتيجة تأليف وإخراج حرباً وهمية مع ألبانيا، ليست سوى فيلم سينمائي مع كل ما يمكن تخيّله من مؤثرات خاصة وموسيقى تصويرية وتجييش عواطف المشاهدين، الخ...
يتلقّف الجمهور هذه الحرب الوهميّة على أنها "حقيقة"، فيعيد انتخاب الرئيس باعتباره بطلاً قومياً!...

أستشهد بهذا الفيلم لأنه يذكّرني كثيراً بقصة المحكمة الدولية في قضية اغتيال الشهيد الرئيس الحريري.
كمواطن عادي ذو رأي حرّ، أسأل:
هل يصدّق جمهور دولة الرئيس الشهيد بأن من يؤلّف ويُخرج القرار الظني، سوف يترك فيه هفواتٍ قد تجعل من بعض "السذّج" الذين ينظّرون كل يوم بأنهم يجيدون القراءة والتحليل، قادرين على الفصل بين قرار اتهامي سياسي وبين آخر قضائي بحت؟!
هل يصدّق هذا الجمهور بأن من يملك هوليوود وكل مؤثراتها الصورية والصوتية لكي لا نتكلّم عن الخروقات المخابراتية والتجسسية، سوف يجعل من هذا القرار أقلّ من "حقيقي" بالنسبة لجمهور لا يجيد سوى التلقّي والانفعال، خاصة بعد التعبئة المذهبية على مدى خمسة أعوام؟
هل يصدّق اللبنانيون جميعاً بأنه بعد كل هذا البذخ المادي منذ خمس سنوات إلى اليوم، إن في الإعلام الموجّه (بروباغندا) وان في التحريض المذهبي وان في الاجتماعات السرية والمعلنة مع سفراء، ملحقين عسكريين واستخبراتيين، سوف يصدر قرار اتهامي ركيك وضعيف بحيث يكون الطعن بمصداقيته سهلاً؟
يا له من قصر نظر  للذين يسوقون لهكذا نظرية وبينهم من يريد فعلاً معرفة الحقيقة وهم صادقون في بحثهم ولو كان تصرفهم ساذجاً أحياناً.
في الخط المتوازي، هنالك الخبثاء وأكثريتهم من خارج تيار المستقبل ويريدوننا أن نصدّق بأنهم فعلاً يريدون الوصول إلى الحقيقة من خلال المحكمة "السينمائية".
بناءً عليه، أعود وأسال وأرجو من القارئ أن يأخذنني على قدر عقلي كما يقول المثل الشعبي:
لقد أمضينا إلى الآن خمس سنوات في الأخذ والرد بموضوع محكمة وشهود دون مصداقية (لكي لا أقول زور وأدخل بتفصيل قانوني على التسمية والتي هي ثانوية) وبما أنني أريد الحقيقة، كيف لي أن أرفض إدخال ملف تحقيق مع هؤلاء سواء عبر مجلس عدلي، قضاء عادي أو حتى عبر مكتب تحريات خاص “Private Investigator” كما يسمونه في الولايات المتحدة الأميركية؟
هل يعقل بأن يختلف فريقان على صلاحية من يحقق ويفتح ملف شهود دون مصداقية، طالما أن الفريقين يعترفان بوجودهم؟
لو كنت مكان الرئيس سعد الحريري (الله يطوّل بعمر والدي)، لكنت طلبت من الحكومة ليس فقط بتحويل هذا الملف إلى المجلس العدلي، بل إلى كل جهة قضائية، نيابية، وزارية وحتى صحافية، لتقوم بما أمكن من استقصاء ومساعدة بكشفهم ومن ورائهم.
وإلا، كيف لي أن أطالب اذاً بالحقيقة وبالمقابل أصارع الفريق الآخر حول "جنس الملائكة" وما إذا كان في المجلس العدلي أم القضاء العادي؟
ما همّي أنا سعد الحريري، من هي الجهة الصالحة، طالما أن البحث والتحقيق لهما هدف سامي وعادل اسمه الحقيقة؟
وكيف يبرر الرئيس الحريري تخطّى المعارضة سابقاً، لا دستورية حكومة الرئيس السنيورة وتجاوزها لرئيس الجمهورية المولج بإبرام المعاهدات الدولية كتلك الخاصة بالمحكمة، وبالتالي الاعتراف بالمحكمة الدولية؟ أليس لأن الهدف كان الحقيقة والعدالة؟
لماذا هذه المعايير المتناقضة لو أن الحقيقة هي فعلاً ما نبحث عنه؟
لو كنت أريد تلك الحقيقة فعلاً وليس قولاً وأتاني "أبو ملحم" من قبره ليقول لي، ربما هنالك منصّة اسمها شهود دون مصداقية قد تساعد بهذا الاتجاه، لقلت له باشر التحقيق. فكيف بالحري إذا كان لدينا إمكانية بمستوى المجلس العدلي؟
كسعد الحريري آخذ قراري وأعتذر من الشيوخ أمين، سامي ونديم الجميل ومن فارس سعيد ونوفل ضو وعلى رأسهم الحكيم، لأنني كسعد الحريري أريد الحقيقة وليس الفتنة المذهبية التي ينتظرها البعض لتحقيق مآرب غير قابلة للحياة.
سؤال برسم جمهور استُعمل واستُغلَّ بأبشع الوسائل طيلة خمسة أعوام وحان الوقت ليستفيق من كبوته وينفض عنه غبار المؤثرات السينمائية ويعود إلى أرض الواقع.
Wag the Dog  ليس سوى فيلم سينمائي، لكنه صورة صريحة عن الإدارة الأميركية وطريقة تلاعبها بالرأي العام.
في كل الأحوال، اسألوا وليد جنبلاط، فهو خير من يرشد الحريري إلى الطريق السليم.
فقد اختبر استشهاد الأب ومن ثم ركوب الموجة الأميركية ومن بعدها أعاد توجيه البوصلة نحو القضية المركزية.

بالنهاية، أنا كمواطن عادي، أريد أن أصدق فقط سعد الحريري وعائلته، أما الآخرين من حواليه، فهم ليسوا سوى وصوليين وثأريين لا أكثر ولا أقل.

Comments

Popular posts from this blog

كل الحق عالـ 7-1 ، وصلت إلينا ونقشت!

فخامة الرئيس غبطة البطريرك

عن المنع والمقاطعة