العقول العظيمة تناقش الأفكار

 My article was published as a free opinion at:
www.tayyar.org on the 09/12/2008

09/12/2008  -  جوزف الخوري

تقول اليانور روزفلت: "العقول العظيمة تناقش الأفكار. العقول المتوسطة تناقش الأحداث. العقول الصغيرة تناقش الأشخاص"

"Great minds discuss ideas. Average minds discuss events. Small minds discuss people."

أربعة أيام مرّت على زيارة العماد عون لسوريا ولم نسمع أحداً من جماعة "الأكثرية" يناقش فكرة الزيارة ووقعها الاستراتيجي، حتى ولم نسمع أحداً منهم يناقش ولو حدث الزيارة بمفاعيله الظاهرة والملموسة آنياً. بل ودأب الجميع في هذه الأكثرية على الترويج لأكاذيب وأضاليل للنيل فقط من شخص العماد عون.

تصوّروا معي بأن أكثر من خمسين صحافي ومراسل إعلامي كانوا في المؤتمر الصحافي الذي عقده العماد عون بعد لقائه الرئيس الأسد في اليوم الأول، وعدسات الكاميرات وميكروفونات التلفزيونات والإذاعات تسجل جوابه عن سؤال حول اعتذار سوري، والذي قال فيه: هل اعتذر بعض اللبنانيين المتعاملين مع السوريين في تلك الحقبة من اللبنانيين الآخرين قبل أن نلزم سوريا بالاعتذار؟
فإذا بتلفزيون المستقبل أول من ينقل في أسفل شاشته بأن العماد عون يطلب من اللبنانيين الاعتذار من سوريا. وتبعته بعد ذلك كل وسائل إعلام المستقبل ومن يدور بفلكه.

طبعاً، إنهم يعلمون بأنهم يكذبون ولكنهم متّكلين على بعض من جماعتهم الانعزالية والتي لا تقرأ ولا تسمع ولا ترى إلا ما يدلو به المستقبل.
فهؤلاء هم خبز المستقبل اليومي وهم النبع الذي يشرب منه المستقبل في الانتخابات.
أن تنطلي الكذبة على هؤلاء المساكين التابعين للمستقبل هو أمر سهل، أما أن تسوّق الكذبة بين سياسيين وإعلاميين حاملين السؤال يطرحونه كأنه واقعاً فهذا عار ويستحق ناقله الرجم.

بعد أن رأيت ببار صادق ينزلق إلى هذا المستوى، فلا عجب بعد ذلك من علي حماده، نصير الأسعد، جورج بكاسيني، فارس خشان وغيرهم من المرتزقة في الإعلام.
فالسيد بيار صادق إذا كان قد أبلغ بجواب العماد عون من أحد مندوبي المستقبل ولم يشاهد المؤتمر الصحافي بنفسه، يكون قد ارتكب خطأً يمكن تصحيحه باعتذار.
أما إذا كان قد شاهد وسمع المؤتمر الصحافي وأصدر كاريكاتوره كما هو، فيكون قد ارتكب خطيئة مميتة تجعل منه واحداً من هؤلاء المرتزقة المعروفين من الجميع.

أنتقل إلى السياسيين، فحدّث ولا حرج.
سمير الكيماوي جعجع (نسبة إلى النفايات الكيميائية التي دفنها في شننعير بالشراكة والتضامن مع جهاد عبد الحليم خدام) يرى وصمة عار في زيارة العماد عون إلى سوريا.
طبعا" أكيد أكيد أكيد، لأن مناقشة الأفكار والأحداث هي ميزة العقول الكبيرة والمتوسطة فقط.
لذلك فقد نسي سمير الكيماوي مدفعيته من ميروبا ووطى الجوز تدك المناطق المسيحية الحرة يوم 13 تشرين من العام 1990 ليغطي الاحتلال السوري لتلك المناطق الحرة.
وقد نسي أيضاً كيف انسحب مناصروه من تظاهرة الأشرفية في تشرين الثاني 2004 عندما رفع مناصرو التيار الوطني الحر شعار 1559، لأن ذلك يضرّ بالمصلحة السورية.
نسي سمير الكيماوي اجتماعات التنسيق مع غازي كنعان في العام 1990 بعد الانتهاء من حالة الحرية المتمثلة بالعماد عون ومناقشة تأليف الحكومة المعيّنة من سوريا كاملة وهو مشارك فيها.

أما أمين العنيد الجميّل، فمهما قلنا به نظل مقصّرين.
فأظن بأن الشيخ بشير قد كفّ ووفّ حين قال بأخيه لأحدهم يوماً: "خيي أمين ما خرجو يكون حتى مدير مدرسة".
إننا بانتظار فقط أن يرشدنا العنيد إلى أقاربه في الشام، حمص وحلب لعلّه يكون قد سبق العماد عون بالنسب أيضاً في سوريا وليس فقط في ايران.

في وليد جنبلاط، لن أسترسل لأنني قد كتبت عنه في الأسبوع الفائت في مقالة عن عقدة النقص.
بالإضافة إلى ما تقوله السيدة روزفلت أعلاه عن العقول، أكرر التعريف العلمي لعقدة النقص كما يرد في القاموس:
"شعور الفرد بوجود عيب فيه يُشعره بالضيق والتوتر ونقص في شخصيته مقارنة بالآخرين، مما يدفعه بالتعويض لهذا النقص بشتى طرق."
هاذان تعريفان مختصران يحملان من معاني ما يكفي لوصف وليد جنبلاط.

نصل الى الشيخ الذي لا يشيخ، بطرس حرب، فهو قد يكون من أكثر السياسيين في لبنان الذين رفضت طلباتهم لموعد لقاء مع الرئيس الأسد.
الشيخ الذي لا يشيخ، بطرس حرب، المنظر بالديمقراطية ودولة الحق والمؤسسات،
الشيخ الذي لا يشيخ، بطرس حرب، صاحب المبادئ الكبرى في ما خص الإثراء غير المشروع، لبس رداء المحامي وهبّ للدفاع عن إدارة بنك المدينة المشبوهة.

هذا الشيخ نفسه استطاع أن يسترسل بالإجابة على سؤال مبني على كذبة أطلقها إعلام المستقبل.
فقد نسي بأنه محام ولا يمكنه البناء على باطل، فاسترسل وأجاب ونظّر كالعادة وكأن الواقعة قد وقعت بالفعل.

أمام كل هؤلاء نفتقد لأكثر اثنين من أعلام الإعلام اللبناني والعربي.
نعم البارحة افتقدت جبران التويني وسمير قصير.
البارحة أردت الذهاب إلى إحدى العرّافات والتي تدّعي التكلّم مع العالم الآخر.
أردت أن أعطيها قلم وورقة بيضاء.
أردت أن تنادي جبران و سمير، وأن تطلب منهما أن يكتبوا عن هذه الزيارة.
البارحة افتقدت العقل الجريء لجبران والعقل العظيم لسمير.

فعندما نرى أقزاماً في الإعلام لا بدّ لنا أن نفتقدكم ولو كتبتم ضدنا.
فأنتم تناقشون الأفكار وليس الأشخاص أما أقزام اليوم فلم يصلوا حتى إلى مناقشة الأحداث، فهم في الأسفل وأنتم في عليائكم تتحسّرون على ما وصل إليه بعض الإعلام اليوم.

Comments

Popular posts from this blog

كل الحق عالـ 7-1 ، وصلت إلينا ونقشت!

فخامة الرئيس غبطة البطريرك

عن المنع والمقاطعة