سقوط المفاهيم

  
منذ أن سيطرت الأقلية (التي تعتبر نفسها متفوّقة على باقي البشر)، على الإعلام، المصارف، هوليود والشوبيز، تغيّرت مفاهيم الحياة ومعادلاتها.
مثلاً
إذا رأينا فتاة على جانب الطريق تساوم زبون في سيارته على سعر ٥٠ ألف ليرة مقابل جلسة جنسية، لقلنا عنها "شرمو*ة" من دون تردد.
أما إذا أخذنا نفس الفتاة من على الطريق وأخضعناها لعمليات تجميل وأصدرنا لها سي دي بصوتها (أوتوتيون) ودفعنا إلى كم إذاعة ومحطة تلفزيون لاستضافتها ولعرض أغنيتها، لجذبت المتموّلين والفنادق الفاخرة والحفلات الخاصة، وصارت عندئذ "فنانة" يفرش لها السجاد الأحمر.

في مجال آخر، نقف على إشارة السير، فيركض صوبنا رجل أو إمرأة أو طفل مشوّهين معوّقين وسخين يطلبون المال.
فنقول عنهم شحّادين، وفي معظم الأوقات، ننظر إليهم بازدراء، خاصة إذا رأينا مشغّلهم في إحدى زوايا الشارع ينتظر غلّة النهار. فلا نتعاطف معهم، لا بل نحتقرهم ونستشيص غضباً على مشغًلهم.
أما إذا نجم أو نجمة تلفزيونية، سياسية أو إعلامية أخذوا هؤلاء "الشحادين" وعرضوهم على هواء مفتوح واتصالات مباشرة ومزايدات بمن يتبرّع أكثر،
فيصبح النجم والنجمة المشغّلين لهؤلاء، فاعلي خير ونقف لهم ستاندينغ أوڤايشن.

وفي مقلب آخر، نسمع عن طبيبٍ باحثٍ أمضى عمره في المختبرات يحاول اكتشاف أدوية ولقاحات للأمراض القديمة والمتجددة، فلا تصلنا كتاباته ولا نسمع بأبحاثه، لأن الماينستريم والسوشل ميديا قررت مقاطعته.
بينما يفتحون هواءهم ومواقعهم لملياردير لا يملك شهادة جامعية، يبشّر العالم بالأدوية واللقاحات، والأبشع من ذلك بعد، أن الأطباء العاديين يتبنّون تقارير هذا الملياردير، ويهملون أبحاث ودراسات زميلهم في المهنة.

في المجتمع أيضاً، نسمع عن سارق محفظة أو سيارة أو دجاجة، فلا نترك له ستراً مخبّأً، أما السياسي ورئيس الحزب والمدير العام الذي سرق المليارات، فنحجز له الكرسي الأمامي، نشكره على تزفيت طريق من مالنا المنهوب، نحمله على الأكتاف وننتشي في أخذ سلفي معه.

أختم لأقول أن "تسليع الجسد" هو نفسه سواء بـ ٥٠ ألف ليرة أو بـ ٥٠ مليار ليرة.
والشحّاد هو نفسه سواء استغل أطفال وعاهات الطرقات من زاوية الشارع أو من على أكبر الشاشات والبرامج التلفزيونية.
والدجّال سيبقى دجّالاً سواء ملك فلساً واحداً أو تصدّر قائمة أثرياء العالم.
والحرامي سيبقى حرامي إن سرق بيضة أو عجل أو وطن.
وأضيف لأوضح، أن هذه الأمثال لا يمكن تعميمها، فيبقى في الفن شرفاء، وفي عمل الخير أيادٍ بيضاء، وفي الطب شجعان، وفي السياسة مناضلين، لا يهابوا الأجندات ولا أحاديث وثرثرات الصالونات.
 # فكروا_فيها
@LeJoe_

Comments

Popular posts from this blog

كل الحق عالـ 7-1 ، وصلت إلينا ونقشت!

فخامة الرئيس غبطة البطريرك

عن المنع والمقاطعة