كل الحق عالـ 7-1 ، وصلت إلينا ونقشت!

كل الحق عالـ 7-1 ، وصلت إلينا ونقشت!   (جوزف الخوري)

ولا أعني بها نتيجة مباراة فوز ألمانيا على البرازيل في مونديال الـ2014.
بل أعني بها الترويج لإحصاء كاذب ووهمي يسعون من خلاله إلى تسليع الجسد.
وقبل الـ7-1 لمن يذكر، مررنا بالـ4-1 بداية الألفية الثالثة.

إلى ماذا ترمز ال7-1؟
هذه الأرقام يروّج لها على أنها عدد الفتيات مقابل كل شاب في لبنان!
بالحقيقة، هذه ليست سوى جزء من عدة الشغل التي بدأت منذ الخمسينات حين أخذ القرار في أحد المؤتمرات لما يعرف بال secret societies أن على البشر أن يبدأوا بتغيير نظرتهم للجنس، فيصبح متوفر بكثرة وبسهولة، أما الزواج والإنجاب فيجب أن يتراجعا!

لنعود إلى تلك النسبة ونضع ما لدينا من معطيات:
بالرجوع إلى ملفات الولادات في جميع المستشفيات ولعشرات السنين إلى الوراء، نحصل على معدّل عام بين 50/50 أو 49/51 بالمائة إناث/ذكور أو ذكور/إناث.
يعني لكل ذكر واحد مولود، تقابله أنثى واحدة مولودة، أي أن النتيجة هي 1-1، 
فمن أين أتت الـ 7-1 إذاً؟

للبسطاء يقولون: الذكور نقصوا بسبب الحرب ومنهم من هاجر!
حسناً وافقنا.
نراجع ملفات الهجرة أو العمل بالخارج، فنجد أن الأكثرية من الذكور المهاجرين تعمل في الخليج، أي من حيث العملية الحسابية، يجب أن يطبش ميزان الذكور لصالحه مقارنة مع الإناث في الخليج.
لكن الواقع هناك هو نفسه ويستعملون تلك النسبة (7-1) أو (4-1) لتبرير تعدد الزوجات ولو أنه حلالاً وشرعاً في بعض المعتقدات.
أما الشباب الذكور المهاجر في الغرب فيسمع بنفس النسبة كوسيلة تبرر تعدد الشريكات بالجنس.

إذاً وأمام هذه المعضلة، علينا البحث بالعمق عن الهدف من الترويج لتلك النسبة الزائفة والتي تخالف القانون الطبيعي كما الحقيقة بكل أشكالها؟
برأيي ومن خلال متابعتي لأساليب الترويج لظاهرة تسليع الجسد، أعتقد أن الهدف من ورائها هو خلق مجتمع نسائي فاقد ثقته بنفسه، يقابله مجتمع ذكوري همّه الوحيد هو الجنس عوضاً عن الحب.
وعليه تنشأ الصبية وعقلها اللاواعي يقول أنها تتنافس مع 6 صبايا أوتوماتيكياً على أي شاب قد يعجبها.
أي أنهم يريدون من الصبية أن تكون منتج وسلعة تنافس منتج وسلعة أخرى. وعندما نتحدث عن المنافسة بالسلع، سوف نجد عندها، مكاناً للإعلانات ومكاناً آخر للتنزيلات والتنازلات.
أما الذكر العيّوق، ففي عقله الباطني صار يشعر بفائض العرض مقابل الطلب وصار غنّوج ومايع من جهة ومتسلّط ومتعجرف من جهة أخرى، وصرنا نلاقي واحد شرشوح بيسوى فجلة عم يتمقطع ببنت أميرة بكل المواصفات والمؤسف أنها خاضعة له، لأنها تعتقد أن 6 أخريات بانتظاره في حال هي تمرّدت!
آخر مثال على ذلك، كان في إحدى حلقات أحمر بالخط العريض عن تعدد الزوجات، فقد قال أحدهم أن ثالث أو رابع زوجة له، هي دكتور في الجامعة ويريد أن يوقفها عن العمل، لأن الزوجة لا يجب أن تعمل! 
أما هو، فبالكاد يفك الحرف ويمضي نهاره مع شلّة ذكور في صيد السمك!
كيف وصل الأمر بسيدة دكتور في الجامعة أن تتزوج من جاهل بعمر والدها؟ 
لنفترض أنه الحب، لكن بقاموس الحب لا يوجد مشاركة، بل أنانية حتى التملّك أحياناً، فكيف قبلت إذاً أن تشاركه مع نساء أخريات؟
لا أجد جواباً سوى معادلة ال7-1 وخوفها من الوحدة الراسخة في عقلها الباطني!

بالمراقبة من موقع آخر، سآخذ مثل الفيديوهات الموسيقية أو ما يعرف بالmusic video، نجد شاب يشبه ال homo sapiens في بعض الأحيان وصار له أسبوع لم يستحم، بنطلونه نازل وعارض لباسه الداخلي الوسخ، يغنّي F***words وحواليه نجد من 5 إلى 10 فتيات رائعات الجمال يرقصن twerk ويتحسّسنه كأنه الإله Eros!
هذه الصورة النمطية الموجودة بأكثر الفيديوهات الموسيقية وحتى في بعض الإعلانات التجارية، لا نجدها معكوسة مثلاً (أي أن فتاة يتهافت عليها الشبان) إلا نادراً وحتى قد لا نجدها بالمرّة.

هذا من جهة، أما من جهة أخرى وإذا قررت أن تشعر باستياء من هذا التسليع الجسدي المفرط والوقح، وتعبّر عن ذلك، تجد نفسك أمام قاذفات ترميك بالمصطلحات المعلّبة والتي تُرَدَّد ببغائياً، مثل قمع الحريات العامة، تمييز جندري، تخلّف، رجعيّة أو أبسطها وأخطرها أنه لديك ريموت كونترول لتستعمله!...
ما هذا الهراء؟
إذا كان الريموت كونترول يلغي الدور الأخلاقي لأية مؤسسة إعلامية، لماذا لا يبثّون أفلام پورنو، ومن لا يريد أن يشاهد، يلجأ الى الريموت!
لماذا علينا أن نقبل بالdress code كارتداء بدلة وكرافات لدخول الكازينو ومن دون تذمّر ولا نعتبره مسّاً بالحريات الفردية ولا نقبل بالethical code  للمحطات التلفزيونية؟
أنا مقتنع وأحب لغيري أن يقتنع أن كل عمل إعلامي ترويجي يطال العامة من دون استئذان، يجب أن ترافقه إتيكيت أخلاقية بالدرجة الأولى وليس الهروب إلى الأمام بحجة إمتلاك الريموت كونترول لدى المتلقّي.
ومن يعتقد أن التلفزيون ليس سوى وسيلة ترفيه ليليّة ينتهي مفعولها عند الصباح، أدعوه لمراجعة تأثير التلفزيون والدعاية عامة في بعض الأذواق كالتالي:
-إنتقال عدوى التخيّلات الذكورية لتصبح أنثوية، معارضة بذلك كل علوم السكسولوجيا حول الفرق ما بين الsex drive الذكوري والأنثوي. 
-تبدّل الذوق الذكوري من إنجذابه للمرأة النحيفة الرشيقة مع بداية الألفية الثانية، لينتهي به الأمر بانجذابه الى حشوات صدر وقفا على صورة الكارداشيان ومثالها مع بداية الألفية الثالثة.
-إذهبوا الى عيادات طب النفس في الغرب حيث يوجد إختلاط أعراق وراجعوا كم ملف يوجد لرجال من البشرة السوداء، يعانون من اضطراب وعجز جنسي لأن أعضائهم الذكورية ليست بمقاس ما يصوّره التلفزيون والإعلام عن الرجل الأسود!
-بأمور أبسط من تلك، راجعوا كيف كان أهلنا يستبدلون قميص أو بنطلون فيه درزة منحرفة أو خرم صغير في القماش وكيف صرنا ندفع فلوس إضافية على بنطلون مخزّق أكثر من غيره!

بناءً عليه، لا تدعوا أحداً يقنعكم أن التلفزيون ترفيه وريموت كونترول. فهو يغسل دماغنا ويحرّف ذوقنا، شئنا أم أبينا.
أما المنع والحجب، فهذا ما يجب منعه وعدم الوصول إليه أصلاً، لأنه يفتح آفاقاً على منع أمور أبسط قد لا ترضي فلان أو علتان وما منعود نخلص!
المنع ليس حلاً.
الethics هي الحل.
الريموت كونترول ليس حلاً.
القنوات المشفّرة للراشدين هي الحل.

لأن التلفزيون والسوشال ميديا هما بمتناول الجميع ولأن طبيعة الإنسان تلصصية (voyeuristic ) أطلب منكم أن تتخيلوا أن التايملاين على شاشة هاتفكم يعرض الآن تغريدتين متتاليتين:
واحدة تقول أن عالم ألماني اكتشف نانو إلكترون قد يطيح بنظرية النسبية لأينشتاين من أساسها،
وواحدة تقول، شاهدوا بالصور فستان هيفا الفاضح في سهرة خاصة.
على أي رابط تنقرون أولاً؟
...
بختام هذا الموضوع المتشعّب والمتصل بأشيأة الإنسان (objectification ) ليصبح رجل آلي مطيع (obedient robot)، نحتاج للكثير من الكتابة والدراسات مع أصحاب إختصاص وأنا لست واحداً منهم.
إنني مراقب يقوم بأبحاثه واستنتاجاته بنفسه وأحب أن أشاركها ليس إلا.
فبالمراقبة وبعد جعل الإنسان عن قصد وعن سابق تصور وتصميم، يلهث كل النهار ليقتات ويدفع سنداته، عن المنزل، العفش المنزلي، الدراسة، وحتى عمليات التجميل صارت بقرض مصرفي غير بريء، الخ... لم يبقى له وقت كاف ليطالع كتاب أو ليسمع موسيقى راقية أو ليشاهد مسرح بمستوى أعلى من تهريج وتهييج ماريوكا.
لهذا نجده ينكب على أكثر القراءات سطحية والgossip على مواقع التواصل الإجتماعي ويشاهد أكثر البرامج الفضائحية التي تثير التلصص وبعض الهوامات التي يفتقدها بضغوط الحياة اليومية.

كان هذا رأيي وأرجو أن يكون قد نقش.

Comments

Popular posts from this blog

فخامة الرئيس غبطة البطريرك

عن المنع والمقاطعة